بين العالم والجاهل بمعنى أنّها مشرّعة وثابتة في عالم الواقع التشريعي وعالم الاعتبار واللوح المحفوظ. وأمّا الأحكام على مستوى المجعول فهي تابعة لثبوت القيود والشروط فقد تثبت لشخص دون آخر.
وعليه ، فيمكن أخذ العلم بالحكم في عالم الجعل في موضوع الحكم المجعول ولا يلزم منه الدور أو الخلف.
ويترتّب على ما ذكرناه من الشمول : أنّ الأمارات والأصول التي يرجع إليها المكلّف الجاهل في الشبهة الحكميّة أو الموضوعيّة قد تصيب الواقع ، وقد تخطئ. فللشارع إذن أحكام واقعيّة محفوظة في حقّ الجميع ، والأدلّة والأصول في معرض الإصابة والخطأ ، غير أنّ خطأها مغتفر ؛ لأنّ الشارع جعلها حجّة ، وهذا معنى القول بالتخطئة.
ومن لوازم القول بقاعدة اشتراك الأحكام للجاهل والعالم هو القول بالتخطئة الذي انفردت به الإماميّة. ومعناه أنّ المكلّف والمجتهد قد يصيبان الحكم الواقعي اعتمادا على الأمارات والأصول وقد يخطئان الواقع ، وفي كلا الحالين هناك أحكام واقعيّة للشارع محفوظة سواء أصاب المكلّف أو المجتهد الواقع أو أخطأ. غاية الأمر أنّه في حال الخطأ يكون خطؤه مغتفرا ؛ لأنّ الشارع هو الذي أجاز لهما الاعتماد على الأمارات والأصول حيث جعل لها الحجيّة.
وبيان ذلك : أنّ المكلّف أو المجتهد عند ما يجهلان الحكم الواقعي أو يكون هناك شكّ يجوز لهما الاعتماد على الأمارات والأصول التي جعلها الشارع حجّة في مورد الجهل والشكّ ، فإذا قامت الأمارة أو الأصل على أنّ هذا المورد الحكم فيه الإباحة أو الحليّة أو الطهارة ، أو أنّ هذا الموضوع ليس خمرا مثلا ، فمقتضى جعل الحجيّة من الشارع للأدلّة والأصول جواز التعويل عليها. فإذا ارتكب ذلك فقد يكون مصيبا بأن يكون ما قامت عليه الأمارة أو الأصل مطابقا للحكم الواقعي ، وقد يكون مخطئا بأن لا تكون مطابقة للواقع ، إلا أنّه في حالة الخطأ يكون معذورا لاعتماده على ما هو حجّة شرعا. وهذا معناه انحفاظ الحكم الواقعي بحقّ العالم والجاهل ، وهو معنى التخطئة.
وفي مقابله ما يسمّى بالقول بالتصويب ، وهو : أنّ أحكام الله تعالى ما يؤدّي