افتراضه أنّ الحكم الظاهري لا ينشأ من مبادئ في متعلّقة بالخصوص تامّ ، فنحن بحاجة إذن في تصوير الحكم الظاهري إلى افتراض أن مبادئه ليس من المحتوم تواجدها في متعلّقة بالخصوص ؛ لئلاّ يلزم التضادّ ، ولكنّها في نفس الوقت ليست قائمة بالجعل فقط لئلاّ يلزم تفريغ الحكم الظاهري من حقيقة الحكم.
والنتيجة أنّ الجواب الذي ذكره السيّد الخوئي يتضمّن أمرين :
الأوّل : أنّ المصلحة والملاك في الحكم الظاهري في نفس جعله ، وهذا غير صحيح كما تقدّم سابقا.
الثاني : أنّ الملاك والمصلحة في الحكم الظاهري ليست في متعلّقة بالخصوص ، وهذا المقدار صحيح.
ولذلك فنحن بحاجة إلى بيان حقيقة الحكم الظاهري وكيف أنّ ملاكه ومصلحته ليست في متعلّقة بالخصوص ؛ إذ ليس من الضروري أن نفترض أنّ الملاك والمبادئ في نفس متعلّق الحكم الظاهري ليلزم التضادّ أو المثلين ، وفي نفس الوقت ليست هذه المبادئ والمصلحة موجودة في نفس الجعل ؛ لئلاّ يلزم ما تقدّم من تفريغ الحكم الظاهري من حقيقة الحكم ومن كونه لا فائدة ولا أثر له. فالصحيح أن يقال :
وذلك بأن نقول : إنّ مبادئ الأحكام الظاهريّة هي نفس مبادئ الأحكام الواقعيّة.
والجواب الصحيح عن الإشكال المتقدّم أن نقول : إنّ مبادئ الأحكام الظاهريّة من ملاك وإرادة وشوق ومحبوبيّة ليست في نفس الجعل وليست في متعلّقها بخصوصه ، وإنّما هي نفس مبادئ الأحكام الواقعيّة ، ففي الحقيقة لا يوجد إلا مبادئ الحكم الواقعي فقط ولذلك لا تضادّ بين الحكمين. وتوضيح المطلب يتمّ بذكر أمور :
وتوضيح ذلك : أنّ كلّ حرمة واقعيّة لها ملاك اقتضائي ، وهو المفسدة والمبغوضيّة القائمتان بالفعل ، وكذلك الأمر في الوجوب ، وأمّا الإباحة فقد تقدّم في الحلقة السابقة (١) أنّ ملاكها قد يكون اقتضائيا وقد يكون غير اقتضائي ؛ لأنّها قد تنشأ عن وجود ملاك في أن يكون المكلّف مطلق العنان وقد تنشأ عن خلو الفعل المباح من أي ملاك.
__________________
(١) ضمن بحث ( الحكم الشرعي وتقسيمه ) من مباحث التمهيد ، تحت عنوان : مبادئ الحكم التكليفي.