قال أبو سفيان : أنت أصدق عندي من ابن قميئة وأبر (١) ، وذلك لقول ابن قميئة له : إنه قتل رسول الله صلوات الله عليه وآله. وانصرف. فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله لعلي صلوات الله عليه : قم يا علي في آثار القوم ، فانظر ما ذا يصنعون. فان كانوا قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل ، فإنهم يريدون مكة ، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فهم يريدون المدينة ، والذين نفسي بيده لأن أرادوها لأسيرن إليهم ، ثم لأناجزنهم دونها ، فخرج علي صلوات الله عليه (٢) في آثارهم حتى لحق بهم ، وقد جنبوا الخيل وامتطوا الابل وساروا نحو مكة. فانصرف الى رسول الله صلوات الله عليه وآله ، فأخبره.
ولما رأى الناس انصرافهم جاءوا الى قتلاهم. وخرج رسول الله صلوات الله عليه وآله من الشعب فيمن كان معه ممن لحق به ، فلما رآهم الناس مالوا إليهم ليعرفوا أمر رسول الله صلوات الله عليه وآله. قال كعب بن مالك (٣) : فعرفت عينيه صلوات الله عليه وآله تزهران (٤) من تحت المغفر ، فناديت بأعلى
__________________
(١) روى علي بن إبراهيم القمي في تفسيره ١ / ١١٧ : فقال أبو سفيان وهو على الجبل : أعل هبل.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لأمير المؤمنين : قل له : الله أعلا وأجل. فقال : يا علي إنه قد أنعم علينا!!. فقال علي عليهالسلام : بل الله أنعم علينا. ثم قال أبو سفيان : يا علي ، أسألك باللات والعزى ، هل قتل محمّد؟؟. فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام لعنك الله ولعن الله اللات والعزى معك ، والله ما قتل محمّد صلىاللهعليهوآله وهو يسمع كلامك. فقال : أنت أصدق. لعن الله ابن قميئة زعم انه قتل محمّدا.
(٢) وفي تفسير القمي أيضا ص ١ / ١٢٤ : فمضى أمير المؤمنين عليهالسلام على ما به من الألم والجراحات حتى كان قريبا من القوم. وفي إعلام الورى أيضا ص ٩٣.
(٣) وفي السيرة النبوية لابن هشام ٣ / ٣١ عن ابن إسحاق قال : وكان أول من عرف رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد الهزيمة وقول الناس : قتل رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ كما ذكر لي ابن شهاب الزهري ـ كعب بن مالك قال : عرفت عينيه تزهران ...
(٤) أي تضيئان.