القلوب ، قال الله عز وجل : « وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً. وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها » (١) وتسلّل عن رسول الله صلوات الله عليه وآله أكثر أهل المدينة ، فدخلوا بيوتهم كالملقين بأيديهم.
فاقتحم عمرو بن عبد ودّ وأصحابه (٢) الخندق على المسلمين ـ وهم على هذه الحال ـ فلما نظر رسول الله صلوات الله عليه وآله الى ذلك وأن خيلهم جالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع (٣) وقربوا من مناخ رسول الله صلوات الله عليه وآله تخوّف أن يمدهم سائر المشركين فيقتحموا الخندق فدعى عليا صلوات الله عليه. فقال : يا علي ، امض بمن خفّ معك من المسلمين فخذ عليهم الثغرة التي اقتحموا منها فمن قاتلكم عليها فاقتلوه.
فمضى علي صلوات الله عليه في نفر جمعوا معه يريدون الثغرة ، وقد كان المشركون هموا أن يلحوها فلما رأوهم ـ وهم أقل من الذين اقتحموها منهم ـ توقفوا لينظروا ما يكون من أمر أصحابهم معهم وعطف عليهم عمرو بن عبد ودّ بمن كان معه تعتو بهم خيلهم حتى قربوا منهم.
فنادى علي صلوات الله عليه عمرو بن عبد ودّ ، فأجابه فقال له علي صلوات الله عليه : إنه بلغني إنك كنت عاهدت الله أن لا يدعوك أحد الى
__________________
(١) الاحزاب : ١٣.
(٢) وهم : عكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب المخزومي وضرار بن أبي الخطاب ومرداس الفهري ( المغازي ١ / ٤٧٠ ).
(٣) السخة من الارض : ما يعلوه الملوحة ولا ينبت إلا بعض الاشياء. والسلع ـ بالفتح ثم السكون آخره عين مهملة جبل معروف بالمدينة.