أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ) (١).
قد ذكرت في أول هذا الباب سبق علي صلوات الله عليه وآله الى الجهاد وقد فضّل الله عز وجل السابقين إليه على من جاهد من بعدهم ، فقال الله عز وجل : « لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا » (٢) ، وكذلك فضّل الله عز وجل بعض المجاهدين على بعض ، ففضّل من كافح وقاتل وجاهد على من تخلّف ولم يشهد وقعد ، فقال عز وجل « لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً. دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً » (٣).
فإذا كان المجاهد في سبيل الله أفضل من القاعد عن الجهاد كان كذلك أكثر المجاهدين عناء في الجهاد وبذلا لنفسه فيه أفضل ممن قصر عنه ، كما يكون من جاهد أدنى جهاد وقاتل أقل قتال أفضل في ذلك ممن شهد ولم يقاتل ، وللشاهد وإن لم يقاتل فضل على من لم يشهد لأن الشاهد وإن لم يقاتل فقد كثر جمع المجاهدين ، وكان في جملة من أرهب المشركين وقد ذكرت في هذا الباب ما جاء من جهاد علي صلوات الله عليه وسبقه الى الجهاد وبذله فيه نفسه ومحاماته عن رسول الله صلوات الله
__________________
(١) التوبة : ١٩ و ٢٠.
(٢) الحديد : ١٠.
(٣) النساء : ٩٥ ـ ٩٦.