أحدا من أبناء قريش ولا من الأوس والخزرج ولا من غيرهم من سائر العرب ممن يخاف نقضه بيعتي ومنازعته إياي ، ولا أحدا يراني بعين البغضاء ممن قد وترته بقتل أخيه ، أو أبيه ، أو حميمه إلا وجّهه في جيش اسامة ، لا من المهاجرين ولا من الأنصار وغيرهم من المؤلفة قلوبهم ، والمنافقين لتصفو لي قلوب من بقي معي بحضرته (١) ولئلا يقول لي قائل شيئا مما اكرهه ولا يدفعني دافع عن الولاية ، والقيام بامور رعيته وامته من بعده (٢).
ثم كان آخر ما تكلم به النبيّ صلوات الله عليه وآله في شيء من أمر امته ، أن قال : يمضي جيش اسامة ولا يتخلف عنه أحد ممن انهض معه ، وتقدم في ذلك أشد التقديم ، وأوعز فيه غاية الإيعاز ، وأكد فيه أبلغ التأكيد.
فلم أشعر بعد أن قبض رسول الله صلوات الله عليه وآله إلا برجال من بعث اسامة ، وأهل عسكره قد تركوا مراكزهم ، وخلّوا مواضعهم ، وخالفوا أمر رسول الله صلوات الله عليه وآله فيما أنهضهم إليه ، وأمرهم به رسول الله صلوات الله عليه وآله ، وتقدم إليهم فيه من ملازمة أميرهم والسير معه تحت رايته حتى ينفذ الى (٣) الذي أنفذه إليه ، وخلفوا أميرهم مقيما في عسكره ، وأقبلوا مبادرين الى عهد عهده الله ورسوله ، فنكثوه ، وعقدوا لأنفسهم عقدا ضجت فيه أصواتهم ، واختلف فيه آراؤهم من غير مؤامرة ، ولا مناظرة لأحد منا بني عبد المطلب أو مشاركة
__________________
(١) وفي الاصل : من بقي معه من بحضرته.
(٢) اي الخلافة والامامة.
(٣) في الخصال ٢ / ٣٧٢ : لوجهه.