محلّي من رسول الله صلوات الله عليه وآله محل هارون من موسى ) (١) فرأيت تجرع الغصص (٢) وردّ أنفاس الصعداء أهون عليّ من ذلك ، وكان أمر الله قدرا مقدورا.
ولو لم أتق ذلك وطلبت بحقي لعلم من بحضرتي أني كنت أكثر عددا ، وأعزّ عشيرة ، وأمنع دارا ، وأقوى أمرا ، وأوضح حجة ، وأكثر في الدين مناقب وآثارا ، لسابقتي وقرابتي (٣) ووزارتي فضلا عن استحقاق ذلك بالوصية التي لا مخرج للعباد منها ، والبيعة المتقدمة لي في أعناقهم ممن تناولها.
ولقد قبض رسول الله صلوات الله عليه وآله وولاية الامّة في يديه وفي بيته لا في أيدي من تناولها ولا في أهل بيته بل في أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وهم أولو الأمر من بعده من غيرهم في جميع الخصال.
(٤) ثم إن القائم (٥) بعد صاحبه كان يشاورني في موارد الامور ومصادرها ، فيصدرها عن رأيي وأمري ، ولا يكاد أن يخصّ بذلك أحدا غيري ، ولا يطمع في الأمر بعده سواي. فلما آتته منيّته على فجأة بلا
__________________
(١) ما بين الهلالين زيادة من نسخة ـ ب ـ.
(٢) الغصص : الشجى والحزن.
(٣) والعجب من الدكتور صبحي صالح عند نقله قول أمير المؤمنين في هذا الصدد ينقله مع عدم مراعاة الامانة رغم أن الطبعة الاولى للنهج ( الشيخ محمد عبده ) موجودة العبارة بكاملها وهي : واعجباه أتكون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة. وقد نقلها الدكتور في النهج الذي ضبطه ص ٥٠٢ باب حكم أمير المؤمنين رقم ١٩٠ : وقال (ع) : واعجباه أتكون الخلافة بالصحابة والقرابة.
(٤) وفي الاختصاص للمفيد : وأما الرابعة ، يا أخا اليهود.
(٥) إشارة الى عمر بن الخطاب.