يدري كيف يصنع واستغاث بعمرو بن العاص (١) ، فأشار إليه بإظهار المصاحف ورفعها على الأعلام والدعاء الى ما فيها ، وقال له : إن ابن أبي طالب ومن معه أهل بصيرة ورحمة ، وقد دعوك الى كتاب الله أولا وهم يجيبونك إليه آخرا ، فأطاعه فيما أشار به عليه إذ رأى أنه لا ملجأ (٢) له من القتل والهرب ، فرفع المصاحف يدعو إلى ما فيها بزعمه.
فمالت الى المصاحف قلوب من بقى من أصحابي بعد فناء خيارهم بجدّهم (٣) في قتال أعدائهم على بصائرهم ، وظنوا بابن آكلة الأكباد الوفاء بما دعى إليه ، وأصغوا (٤) الى دعوته ، وأقبلوا إليّ بأجمعهم يسألون إجابته ، فأعلمتهم أن ذلك منه مكر ومن ابن العاص ، وهما الى النكث أقرب منهما إلى الوفاء ، فلم يقبلوا قولي ، ولم يطيعوا أمري ، وأبوا إلا الإجابة ، وأخذ بعضهم يقول لبعض : إن لم يفعل فالحقوه بابن عفان أو فادفعوه الى معاوية.
فجهدت ـ يعلم الله جهدي ـ ولم أدع علم غاية في نفسي وأردت أن يخلوني ورأيي ، فلم يفعلوا ، ودعوتهم إليه فلم يجيبوا لي ما خلا هذا الشيخ وحده وعصبة (٥) من أهل بيته قليلة ـ وأومأ الى مالك الاشتر النخعي ـ فو الله ما منعني من أن أمضي على بصيرتي إلا مخافة أن يقتل هذا وهذا ـ وأومأ بيده الى الحسن والحسين عليهماالسلام ـ فينقطع نسل رسول الله صلوات الله عليه وآله وذريته (٦) ، وأن يقتل هذا وهذا ـ وأومأ بيده الى محمد بن الحنفية وعبد الله بن جعفر ره ـ فانه لو لا مكاني لكان ذلك.
__________________
(١) وفي نسخة ب : العاصي بن العاص.
(٢) وفي الخصال : لا منجي له.
(٣) وفي الاصل : بخرقهم.
(٤) وفي الاصل : فأسرعوا.
(٥) : جماعة.
(٦) وفي الاصل : وفديته.