أيها الناس ، إن أول من بغى في الأرض ، فقتله الله لبغيه : عناق بنت آدم عليهالسلام ، خلق الله لها عشرين إصبعا ، طول كل اصبع منها ذراعان وفي كل اصبع منها ظفران محددان (١) طويلان معقفان. وكان موضع مجلسها في الأرض جريبا (٢) [ فبغت في الأرض ثمانين سنة ] ، فلما بغت في الأرض خلق الله لها أسدا كالفيل ونسرا كالبعير وذئبا كالحمار [ فسلّطهم عليها فمزقوها ، فقتلوها ] (٣) وأكلوها وأراح الله منها. [ ثم قتل الله الجبابرة في زمانها ] وقد قتل الله فرعون وهامان وخسف بقارون (٤) ثم قد عادت بليّتكم مثلها مذ قبض الله نبيكم صلوات الله عليه وآله.
ايم الله لتغربلن غربلة ثم لتبلبلن بلبلة ولتساطن كما يساط القدر (٥) حتى يصير أعاليكم أسافلكم وأسافلكم أعاليكم ، وليسبقن قوم قوما قد كانوا سبقوا (٦) ، أما والله ما انتحلت وصمة (٧) ولا كذبت كلمة (٨). ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها. [ وخلعت لجمها ] ،
__________________
(١) وفي الاصل : مجردان. وأيضا : طويلان معممان.
(٢) الجريب وحدة مساحية تساوي ستين ذراعا مربعا.
(٣) هذه الزيادة في اثبات الوصية للمسعودي ص ١٢٦.
(٤) وقد أضاف المسعودي في نقله ما يلي : وخسف بقارون وقد قتل عثمان وكان حق لي حازه من لم آمنه عليه ، ولم أشركه فيه ، فهو منه على شفا حفرة من النار لا يستنقذه منها إلا نبي مرسل يتوب على يديه ، ولا نبي بعد محمد صلىاللهعليهوآله .
(٥) لتبلبلن : لتخلطن ، لتغربلن : لتميزن. لتساطن : من السوط : وهو أن تجعل شيئين في الاناء وتضربهما بيديك حتى يختلط. سوط القدر : أي كما يختلط الابزار في القدر عند غليانه.
(٦) وقد نقل الشريف الرضي في نهج البلاغة الخطبة ١٦ مقاطع من هذه الخطبة [ التي نقلها المؤلّف ] باختلاف يسير مثلا هذه الجملة : وليسبقن سابقون كانوا قصروا وليقصرن سباقون كانوا سبقوا.
(٧) اي عيب.
(٨) وفي النهج : ولا كذبت كذبة ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم.