البصرة ـ وقالت لها : يا عائشة ، إنك بين سدة (١) رسول الله صلوات الله عليه وآله وامته وحجابك مضروب على حرمته ، قد جمع القرآن ذيلك ، فلا تندحيه (٢). وسكن عقيرتك فلا تصحريها ، وقد علم رسول الله صلوات الله عليه وآله مكانك ، ولو أراد أن يعهد إليك لعهد ، وقد أمرك الله عز وجل ، وأمرنا أن نقرّ في بيوتنا وإن عمود الدين لا يقام بالنساء ، ولا يرأب بهن صدعة (٣) وخمارات النساء غضّ الأطراف وضمّ الذيول ، ما كنت قائلة لو أن رسول الله صلوات الله عليه وآله عارضك بأطراف الفلوات ناصة قعودك من منهل الى منهل إن بعين الله عزّ وجلّ مهواك ، وعلى رسول الله صلوات الله عليه وآله تردّين.
والله لو قيل لي : ادخلي الفردوس ، على أن أسير مسيرك (٤) هذا لاستحييت « أن القى محمدا صلوات الله عليه وآله هاتكة حجابا » (٥) قد ضربه عليّ ، فلا تهتكي حجابا قد ضربه عليك رسول الله صلوات الله عليه وآله ، فانه أطوع ما تكونين لله ما لزمتيه (٦) ، وأنصر ما تكونين للدين ما قعدت عنه.
فقالت لها عائشة : ما أقبلني لوعظك وأعرفني بنصحك ، وليس الأمر على ما تظنين ، وإنما رأيت فئتين من المسلمين متنا جزتين ، فإن أقعد (٧) عن إصلاح ذات بينهما ففي غير حرج ، وإن أمض فإلى ما لا
__________________
(١) وفي نسخة ـ ب ـ سيدة. وفي البحار : أنت سدة بين رسول الله وبين امته.
(٢) اي لا توسعيه وتنشريه.
(٣) رأب الصدع : أصلحه.
(٤) وفي الأصل : ميسرك.
(٥) ما بين الهلالين زيادة من نسخة ـ ب ـ.
(٦) وفي الأصل فالزميه.
(٧) وفي الأصل : فان قعدت من إصلاح.