عليه ـ يوم الجمل ـ وهو ينادي بالزبير ، فأتاه ـ فرأيت أعناق فرسيهما قد اختلفت ـ وعلي صلوات الله عليه يقول له : أما تذكر قول رسول الله صلوات الله عليه وآله لك ـ وقد ذكرتني له ـ إنك سوف تقاتله وأنت له ظالم!! قال : بلى ، والله ما ذكرت ذلك إلا الآن.
فانصرف راجعا عن الفريقين ، فرآه طلحة ، فأتبعه ، فرماه مروان بن الحكم بسهم ، فشك فخذه في السرج ، فمات طلحة من ذلك الجرح.
[٣٣٠] وبآخر ، عن سلام ، قال شهدت يوم الجمل ، فلما التقينا نظرت الى عائشة على جمل أحمر مشرف على الناس. وحمل أصحاب الجمل ، حتى قلت لخطار : هذا الفرار من الزحف. فقال : نعم ، والله يا بن أخي ، ثم تعاطفنا ، فنظرت الى هودج عائشة ما شبهته إلا بقنفذ (١) من النبل الواقعة عليه (٢) وهو يميل بها مرة هاهنا ومرة هاهنا حتى احيط بها ، ولما احيط بعائشة ، وانصرف الزبير وقتل طلحة ، وانهزم أهل البصرة ، ونادى منادي علي صلوات الله عليه : لا تتبعوا مدبرا (٣) ولا من القى سلاحه ولا تجهزوا على جريح ، فإن القوم قد ولّوا وليست لهم فئة يلجئون إليها.
فجرت السنّة بذلك ( في المسلمين في قتال أهل البغي ، وأخذ بذلك فقهاؤهم إن أهل البغي إذا انهزموا ولم تكن لهم فئة يلجئون إليها لم يجهز على جريحهم ولم يتبع مدبرهم ، وان كان لهم فئة اجهز على جريحهم واتبع مدبرهم ، وقتلوا. وبهذا حكم علي صلوات الله عليه في أصحاب معاوية ، فأخذ فقهاء العامة ذلك عنه وأوجبوا أن حزبه حزب أهل
__________________
(١) القنفذ بضم الفاء وفتحها واحد القنافذ ، والانثى قنفذة.
(٢) وفي الأصل : الواقعة به.
(٣) أي : الهارب.