حلما من أبيك ومن عمر.
قال : فقالت : ما شئت ذلك؟ قال : فقلت لها : أما والله لقد كان أبوك ذلك قصير المدة عظيم التبعة ظاهر الشوم بيّن النكاد (١) ، وما كان إلا كحلب شاة حتى صرت ما تأخذين ولا تعطين ، ولا كنت إلا كما قال أخو بني فهر (٢) :
ما زال إهداء القصائد بيننا |
|
شتم الصديق وكثرة الألقاب |
حتى تركت كأن قولك فيهم |
|
في كل مجمعة طنين ذباب |
فأراقت دمعتها ، وأبدت عولتها ، وظهر نشيجها ، ثم قالت : أرحل والله عنكم ، فو الله ما من دار أبغض إليّ من دار تكونون بها.
قلت : ولم ذلك؟ والله ما ذلك ببلائنا عندك ولا بأثرنا عليك وعلى أبيك إذ جعلناك امّا للمؤمنين ، وأنت بنت أمّ رومان ، وجعلنا أباك صديقا وهو ابن أبي قحافة ، قالت : تمنون علينا برسول الله صلوات الله عليه وآله؟
قلت : ولم لا نمنّ عليكم (٣) بمن لو كانت فيك من شعرة لمننت بها وفخرت ، ونحن منه وإليه لحمه ودمه ، وإنما أنت حشيته (٤) من تسع حشيات خلفهن لست بأرسخهن عرقا (٥) ولا بأنضرهن ورقا ولا بأمدّهن ظلا ، وإنما أنت كما قال أخو بني أسد (٦)
مننت على قوم فأبدوا عداوة |
|
فقلت لهم كفوا العداوة والشكرا |
__________________
(١) وفي بحار الأنوار ط قديم ٨ / ٤٥٠ النكد بمعنى العسر.
(٢) وفي بحار الانوار : إلا كمثل ابن الحضرمي بن نجمان أخي بني أسد.
(٣) وفي الأصل : عليكم من.
(٤) الحشية كمنبة أي الفراش المحشو والجمع حشايا وهي كناية عن النساء والتعبير بالفراش شايع.
(٥) أرسخ : الثبات.
(٦) وفي بحار الأنوار : أخو بني فهر.