ورموا أصحاب علي صلوات الله عليه بالنبل. قالوا : يا أمير المؤمنين أما ترى النبل فينا كالقطر (١) وقد قتلوا مسلما.
فقال لهم علي صلوات الله عليه : قاتلوهم ، فقد طاب لكم القتال.
فقاتلوهم وظهر عليهم وولّوا منهزمين. فأمر علي صلوات الله عليه مناديا ينادي : لا تطعنوا في غير مقبل ولا تطلبوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، وما كان في العسكر فهو لكم مغنم ، وما كان في الدور فهو ميراث يقسم بينهم على فرائض الله عزّ وجلّ.
فقام إليه قوم من أصحابه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين من أين أحللت لنا دماءهم وأموالهم وحرمت علينا نساءهم؟؟ فقال : لأن القوم على الفطرة ، وكان لهم ولاء قبل الفرقة وكان نكاحهم لرشده.
فلم يربضهم ذلك من كلامه صلوات الله عليه ، فقال لهم : هذه السيرة في أهل القبلة ، فأنكرتموها ، فانظروا أيكم يأخذ عائشة في سهمه؟؟ فرضوا بما قال ، واعترفوا بصوابه ، وسلموا لأمره.
[٣٣٥] عباد بإسناده ، عن أبي رافع : إن رسول الله صلوات الله عليه وآله قال لعلي صلوات الله عليه : إنه سيكون بينك وبين عائشة حرب. قال : يا رسول الله ، أنا من بين أصحابك؟؟ قال : نعم. قال : أنا اشقاهم (٢) إذا. قال : لا بل أفضلهم ، ولكن إذا كان ذلك فارددها الى مأمنها.
قال أبو رافع : ففعل ذلك أمير المؤمنين صلوات الله عليه ردّها مع نساء من أهل العراق ، حتى صارت الى مأمنها (٣).
__________________
(١) وفي نسخة ب ـ كالمطر.
(٢) الشقي ضد السعيد.
(٣) أي الى دارها في المدينة.