فلما كان من أمرها ما كان ، ورجعت الى المدينة ، وقفت ببابها ، فقلت : السلام عليك ، أيدخل أبو عبد الله الجدلي؟؟ فانتحبت ، حتى رحمتها ، ثم أذنت لي ، فدخلت ، وسألتها عن حالها ، فجعلت تخبرني بما كان من أمرها. فقالت : وقعت من الناس يوم الجمل ثلاث غلاء ، فسمعت صوتا لم أسمع مثله قط. فقلت لغلام كان معي : ويحك ، اخرج فانظر ما هذا؟؟ فذهب ثم أتاني ، فقال : تواقع القوم. فقلت : الصوت فينا أو فيهم؟؟ قال : فيكم. قلت : فذاك خير لنا أو شرّ علينا؟؟ قال : بل شرّ عليكم.
ثم سمعت الثانية ، فأرسلت الغلام. فقال : مثل ذلك.
ثم سمعت الثالثة ، فذهبت لأنظر فاذا أنا في مثل لجة البحر (١) فبرك الجمل ، وجاء رجل ، فأدخل يده ، فقلت : من أنت ، ويلك؟؟ قال : أبغض أهلك إليك! قلت : محمد بن أبي بكر؟ قال : نعم ، فلا تسأل عن عذل (٢) ثم جاء الأشتر ، فقال : لا تسل عن عذل (٣) ، وشتم حتى قال لي : وددت أن السيف كان أصابك.
الغلا : جمع غلوة ، والغلوة : قدر ما تبلغه رمية السهم ، يقال : إن الفرسخ التام خمس وعشرون غلوة أي رمية السهم.
[٣٥٢] محمد بن سعيد يرفعه الى نافع مولى ابن عمر قال : حدثني من نظر الى
__________________
(١) أي : في وسط الحراك والقتال.
(٢) أمالى المفيد ص ٢٣.
(٣) وفي الأصل : عن عذر.