الحكومة إذ كان دفعها يمكنه ، وإذ قد علم أنها خدعة ومكيدة من عدوه.
وأجاب إليها إذ لم يجد غير ذلك ولم يمكنه دفعها. وإذ قد علم أنها توجب حقه ، وتثبته على ما شرطه وأكده فيها ، وعلى ما كان دعا القوم إليه من الحكم بكتاب الله عزّ وجلّ.
والله جلّ من قائل يقول : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (١) ( فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) (٢) ( فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (٣). وقال تعالى ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ) (٤).
وإنما قدم علي صلوات الله عليه من قدمه للحكم على أن يحكم بكتاب الله الذي دعوا يومئذ الى الحكم بما فيه ، وقد علم عليهالسلام أن كتاب الله يشهد له ويشهد على معاوية ، فلو حكما بالكتاب لحكما بامامة علي عليهالسلام ، وبعزل معاوية عما عزله عنه.
وهذا هو الذي دعا إليه علي عليهالسلام ، وأراده من معاوية.
وأما ما أنكرتم من أن يحكم بذلك عمرو بن العاص ، فهل يكون عمرو بن العاص عندكم أسوأ حالا من النصارى؟ فقد قال الله عزّ وجلّ :
( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ ) (٥). لأنهم لو حكموا بذلك لدخلوا في الإسلام ، كما أن عمرو بن العاص لو حكم بالكتاب لدخل في إمامة علي صلوات الله عليه لان الكتاب يشهد بتفضيل علي صلوات الله عليه على معاوية.
قال الله عزّ وجلّ ( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) (٦) وقال تعالى : ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ
__________________
(١) المائدة : ٤٥.
(٢) المائدة : ٤٤.
(٣) المائدة : ٤٧.
(٤) المائدة : ٤٩.
(٥) المائدة : ٤٧.
(٦) المجادلة : ١١.