عمه وولي الطلب بدمه ، وقد كان هو وعمر من قبله ولياه ما ولياه ، فهو على ذلك ، وقد أثبته كما أثبت خاتمي في إصبعي هذا ، وأخذ خاتمه فأدخله في إصبعه ، ثم جلس.
فقام أبو موسى ، فقال : معاذ الله ما كنا اتفقنا إلا على خلع علي ومعاوية. فقال عمرو : سبحان الله ، يا أبا موسى متى كان هذا؟
وتراجعا الكلام بينهما واعتكر الى أن لعن كل واحد منهما صاحبه.
وافترق الناس على غير إحكام شيء ، ولا يشك أكثرهم أن عمرا خدع أبا موسى. وأقام أهل الشام على ما كانوا عليه لمعاوية ، وأهل العراق على ما كانوا عليه لعلي عليهالسلام. ومن كان من شيعة كل واحد منهما ، خلا الخوارج الذين قدمنا ذكرهم ، ومفارقتهم لعلي عليهالسلام لما أنكروه من أمر التحكيم ، وندموا عليه بعد أن رأوه ودعوا إليه.
وبقي معاوية على حالته يدعى : أميرا ، وعلي عليهالسلام على ما كان عليه يدعى : أمير المؤمنين ، الى أن قتل صلوات الله عليه. ولم يعقد أحد شيئا ممّا كان بين أبي موسى وبين عمرو بن العاص ، ولا احتج به. وانصرف عمرو بن العاص الى معاوية.
وانصرف أبو موسى الى علي عليهالسلام يعتذر ممّا كان منه ، وبقي الأمر على ما كان عليه الى أن قتل علي عليهالسلام.
فهذه جملة من القول فيما جرى بين علي وبين من حاربه ، ممن انتحل دعوة الإسلام.
والحجة في أنهم بغوا عليه ، وفي أنه وفئته فئة أهل العدل ، وكل فئة حاربته فئة أهل البغي الذين أمر الله عزّ وجلّ بقتالهم في كتابه حتى يفيئوا الى أمره (١).
__________________
(١) مفاد الآية الكريمة : ( فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) ( الحجرات : ٩ ) وفي نسخة ـ ج ـ : ووافاهم.