قال : فاناشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أمنكم أحد نزل فيه : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (١) غيري؟
قالوا : اللهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم من أنزل الله عزّ وجلّ فيه : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) الى قوله : ( إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) (٢) غيري؟
قالوا : اللهمّ ، لا.
قال : فحسبي بما أقررتم به من مناقبي وفضائلي ، ولو شئت أن أذكر غير ذلك كثيرا لذكرته ، فاصنعوا بعد ذلك ما أنتم صانعون ، فالله الشاهد على ما تفعلون.
قال عامر بن وائلة : فهذا ما حفظته ممّا عدده علي عليهالسلام يومئذ من مناقبه على أهل الشورى ، فأقروا بها ، وصدقوه فيها. ثم لم أسمعه كلّمهم بعد ذلك بشيء حتى عقدوا ما عقدوه بينهم ، وافترقوا. وقد ذكرت في فصل قبل هذا جرى فيه مثل هذا الكلام ما أوجب مثل هذا القول من علي عليهالسلام ، وأن ذلك لما خصه الله به من فضل الإمامة ، فلم يكن ينبغي له الإعراض عن ذلك ، وتركه كما لا ينبغي لمن خصه الله عزّ وجلّ بالنبوة أن يعرض عنها ، ويزهد فيها ، لا على أن ذلك كان من علي صلوات الله عليه لرغبته في شيء من أمر الدنيا. وقد علم الخاص والعام زهده فيها قبل أن يصير أمر الإمامة إليه وبعد ذلك.
__________________
(١) المائدة : ٥٥.
(٢) الانسان : ٨ ـ ٢٢.