من نصره ، واخذل من خذله. شايلا بيده ، قد أسمع أهل النادي من جميع الناس ـ الأقصين والأدنين ـ.
وسمعته يقول له ـ لما خرج الى تبوك واستخلفه على المدينة وعلى أهله ـ ، وقد قال له : يا رسول الله ، إن بعض الناس يقولون : إنك إنما خلفتني استثقالا لي. فقال له :
يا علي ، إنه لا بدّ من إمام وأمير ، فأنا الإمام وأنت الأمير ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى حيث استخلفه على بني إسرائيل إلا أنه لا نبي بعدي يوحى إليه. والله ما خلفتك عن أمري ، ولا عاقبتك عن أمري ، ولا أمرتك عن أمري إن أنا إلا مأمور.
وقال يوم خيبر ـ وقد انهزم أبو بكر وعمر ومن معهما ـ : لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ، ويحب الله ورسوله ، وليفتحن الله تعالى على يديه إن شاء الله تعالى ، ليس بفرار ولا نكاص ولا غدار ، يعطي السيف حقه ، والقرآن عزائمه والنصيحة أهلها. فلما كان من غد تشوق لها كل ذي شرف ، فدعا بعلي عليهالسلام ـ وكان أرمد ـ فأجلسه بين يديه ، وتفل في عينيه وعلى بدنه.
ثم قال : اللهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد ، وارحمه ، وترحم عليه ، وأعنه ، واستعن به ، وانصره ، وانتصر به ، فانه عبدك وأخو رسولك. ودفع الراية إليه ، فخرج يمشي كأنه أسد ، ففتح الله عليه خيبر ، ثم حمل باب المدينة حتى وضعه ناحية ، فاجتمع عليه بعد ذلك سبعون رجلا ، فلم يقدروا أن يحملوه (١) فو الله ما وجد علي عليهالسلام بعد ذلك حرا ولا بردا.
ولقد أشرفت عليه يومئذ ، فقالوا للجيش : من عليكم؟
__________________
(١) وفي نسخة ـ ج ـ : أن يقيلوه.