قلنا لهم : هذا خبر إنما جاء عن عائشة لم تقم به حجة ، ولم تنقله الأمة بالقبول له ، والاجتماع عليه. على أنا متى سلّمنا لكم هذا الحديث لم يجب به تقدمة لأبي بكر على علي عليهالسلام. ومتى نظرنا الى آخر الحديث (١) احتجنا الى أن نطلب للحديث مخرجا من النقص والتقصير ، وذلك لأن في آخر الحديث : ان رسول الله صلىاللهعليهوآله لما وجد إفاقة وأحسّ بقوة خرج حتى أتى المسجد ، وتقدم فأخذ بيد أبي بكر ، فنحاه عن مقامه ، وقام في موضعه فصلّى بهم.
فقال بعض الناس : هذا من فعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يدل على أن تقديم أبي بكر للصلاة لم يكن عن أمره ، لأنه لو كان ذلك بأمره لما خرج مبادرا مع الضعف والعلة حتى نحاه وصار في موضعه ، ولو كان ذلك عن أمره لتركه في مقامه ، ولصلّى خلفه كما صلّى خلف عبد الرحمن بن عوف لما جاء ، فوجده يصلّي بالناس. وقد شهدتم جميعا أن صلاة النبي صلىاللهعليهوآله خلف عبد الرحمن بن عوف (٢) لا يوجب له تقديما على النبي مع ما يدخل حديثكم هذا من الوهن والضعف والشذوذ.
[ باؤكم تجرّ وباؤنا لا تجرّ ]
وقد عارضتكم الرافضة في حديثكم هذا ، فقالوا لكم :
قبلتم قول عائشة في الصلاة وجعلتموها حجة ، ولم تقبلوا قول فاطمة عليهاالسلام في فدك! وشهادة أم أيمن لها ، وقد شهد لها رسول الله صلّى الله
__________________
(١) وفي نسخة ـ ج ـ بين قوسين : لم لا يجب به تقدمة لأبي بكر على علي.
(٢) وهو أبو محمّد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث الزهري القرشي ، ولد بعد عام الفيل بعشر سنين ٤٤ قبل الهجرة ، ومات ٣٢ ه.