وآله بطاعته ، فمن أين يجوز لأحد أن يتأمّر عليه ، ويوجب لنفسه طاعة دونه ، وإنما تكون الطاعة لاولي الأمر ، كما افترض الله عزّ وجلّ ذلك لهم في كتابه ، وقرن فيه طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله صلىاللهعليهوآله ، فقال : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (١) فجعلها طاعات مقرونة موصلة لا يجزي بعضها ولا يقوم بعضها إلا ببعض ، وكما لا تقوم ، ولا تجري طاعة الله عزّ وجلّ مع معصية رسوله صلىاللهعليهوآله ، وكذلك لا تجزي طاعة الله وطاعة رسوله صلىاللهعليهوآله مع معصية أولي الأمر الذين أوجب الله عزّ وجلّ طاعتهم ، لأن في معصية أولي الأمر معصية الله ، ومعصية رسوله صلىاللهعليهوآله ، إذ قد أوجب الله عزّ وجلّ في كتابه وعلى لسان رسوله صلىاللهعليهوآله طاعتهم ، فلم يطع الله من عصاهم ، إذ قد افترض طاعتهم ، وكذلك لن يطيع رسول الله صلىاللهعليهوآله من عصى أحدا منهم ، إذ قد أمر عن أمر الله عزّ وجلّ بطاعتهم ، وقد نصّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كما ذكرنا فيما جاء عنه على طاعة علي عليهالسلام ، ورغب في ذلك ، وذكر فضله وثوابه ، ونهى عن معصيته وحذر منها ، وذكر ما يوجبه من عقاب ربه.
وأكد ولايته وأقامه للامة مقامه ، ولم يقل شيئا من ذلك عبثا ولا تكلفا ، ولا من قبل نفسه ولا ليمرّ صفحا على من سمعه منه ، وانتهى إليه عنه ، لانه ليس من المتكلفين كما وصفه عزّ وجلّ في كتابه ، ولا ممن : ( يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ) (٢) ، كما أخبر فيه عنه ، ولا يتبع كما وصفه عزّ وجلّ ( إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) إليه.
فأيّ بيان يكون أكثر من هذا البيان وأيّ نصّ يكون أوضح من هذا
__________________
(١) النساء : ٥٩.
(٢) النجم : ٣.