اللؤلؤ المنظوم ، يقدّم أهل الدين ويفضل المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله.
وأقسم بالله لقد رأيته في بعض أحواله ، وقد أرخى الليل سدوله ، وغارب نجومه ، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتملل تململ السليم ، ويبكى بكاء الواله الحزين ، ويقول في بكائه :
يا دنيا أبي تعرضت أم إليّ تشوقت ، هيهات هيهات لا حان حينك قد بتتك ثلاثا لا رجعة فيك ، عيشتك حقير ، وعمرك قصير ، وخطرك يسير ، آه آه من بعد السفر ، وقلة الزاد ، ووحشة الطريق.
قال : فانهملت دموع معاوية على خده حتى كفكفها بكمه. واختنق القوم جميعا ـ ممن حضر ـ بالبكاء.
فقال معاوية : رحم الله أبا الحسن فلقد كان كذلك ، فكيف كان جزعك عليه ، باضرار؟
قال : جزع من ذبح ولدها (١) في حجرها فما تسكن حرارتها ولا ترقأ دمعتها.
قال معاوية : لكن أصحابي لو يسألوا عني بعد موتي ما أخبروا عني من هذا بشيء.
[ ابن عباس ومناقب علي ]
[٧٤٤] اسماعيل ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، أنه بينما يطوف البيت الحرام ، إذ هو بشاب قد شال يديه حتى تبين بياض ابطيه ، وهو يقول : اللهمّ اني أبرأ إليك من علي بن أبي طالب ، وما أحدث في
__________________
(١) وفي ذخائر العقبى ص ١٠٠ : من ذبح واحدها.