أهلها حتى يفتح الله لبقية الأبرار.
فقام رجل ، فقال : حدّثنا يا أمير المؤمنين عن الفتن.
قال : إن الفتن إذا أقبلت اشتبهت وإذا أدبرت أسفرت ، وإنما الفتن تحوم كتحوم الرياح [ يصبن بلدا ويخطئن اخرى ] ، وإن أخوف الفتن عليكم عندي فتنة بني أميّة فانها عمياء مظلمة ، خصت رزيتها ، وعمت بليتها ، وأصاب البلاء من أبصر فيها ، وأخطأ البلاء من عمي عنها ، يظهر أهل باطلها على أهل حقها حتى تملأ الأرض عدوانا وظلما ، وإن أول من يكسر عمدها ، ويضع جبروتها ، وينزع أوتارها ، الله ربّ العالمين. ألا وستجدون في بني أميّة أرباب سوء لكم بعدي كالناقة الضروس تعض بفيها ، وتركض برجليها ، وتخبط بيديها ، وتمنع درها ، وإنه لا يزال (١) بلاؤهم بكم حتى لا يبقى في الأرض إلا نافع لهم ، أو غير ضار ، حتى لا تكون نصرة أحدكم إلا كنصرة العبد من سيده [ اذا رآه أطاعه ، واذا توارى عنه شتمه ] ، وأيم الله لو فرقوكم تحت كل كوكب لجمعكم الله لشرّ يوم لهم.
فقام رجل ، فقال : هل بعد ذلك جماعة ، يا أمير المؤمنين؟
فقال : نعم إلا أنها جماعة (٢) شتى غير إن قبلتكم واحدة وحجكم واحد [ وعمرتكم واحدة ] والقلوب مختلفة كذا ـ وشبك بين أصابعه ـ.
قال : فيم ذلك يا أمير المؤمنين؟
قال : يقتل هذا هذا ، هجرا هجرا ، فتنة ، وقطيعة جاهلية ليس فيها إمام هدى ، ولا عالم بر ، ونحن أهل البيت فينا النجاة ولسنا فيها
__________________
(١) وفي نسخة ـ ج ـ : اونة لا يزال.
(٢) وفي الغارات : ألا ان من بعدي جماع شتى.