حاله ، فقال : يا مقداد ما أزعجك هذه الساعة عن أهلك؟
فقال : يا أبا الحسن خلّ عن سبيلي ، ولا تسألني عما ورائي.
قال : يا أخي إنه لا ينبغي أن تجاوزني حتى أعلم علمك.
قال : يا أبا الحسن ، رغبة الى الله عزّ وجلّ وإليك أن تخلّي سبيلي ، ولا تكشفني عن حالي.
قال له : يا أخي لا يسعك أن تكتمني حالك.
قال : يا أبا الحسن ، أما إذا أبيت فو الذي أكرم محمّدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ، ما أزعجني عن أهلي إلا الجهد ، وقد تركت عيالي يتضارعون جوعا. فلما سمعت ذلك منهم وبكاء العيال لم تحملني الأرض فخرجت مهموما راكبا رأسي ، فهذه قضيتي وحالي.
فهملت عينا علي عليهالسلام بالبكاء حتى بلّت دموعه لحيته ، وقال له : أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني وأخرجني عن أهلي غير الذي أخرجك وأزعجك عن أهلك ، ولكن قد استقرضت دينارا ، فهاكه قد آثرتك به على نفسي.
فدفع الدينار إليه ، وأتى المسجد ، فصلّى فيه الظهر والعصر والمغرب ، فلما قضى رسول الله صلىاللهعليهوآله الصلاة مرّ بعلي عليهالسلام وهو يصلّي ، فغمزه [ برجله ] ، فأوجز في صلاته ، ثم لحق رسول الله صلىاللهعليهوآله عند باب المسجد. فقال : يا أبا الحسن هل عندك شيء نتعشاه فنميل (١).
فأطرق علي عليهالسلام ساعة لا يحير جوابا حياء من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكان جبرائيل عليهالسلام قد هبط على النبيّ
__________________
(١) وفي كفاية الطالب ص ٢٦٨ : هل عندك شيء تعشينا فأنفتل الى الرحل.