قال لها : والله ما جئت الى هذا الموضع إلا لألتمس قتله! فإذا قلت ما قلت ، فهل عندك من معونة؟
قالت : نعم ، آخذ لك من يشد ظهرك ويساعدك على ذلك.
قال : افعلي.
فأتت رجلا من قومها يقال له : وردان. فأخبرته بالخبر ، وكلّمته في ذلك ، وذكرته مصاب من اصيب من قومه ، فأجابها الى ذلك. واجتمع مع عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله. ( ولقي ابن ملجم ) (١) أيضا رجلا من النخع يقال له : شبيب (٢) وكان يثق به ، فأطلعه على أمره ، ورغبه في معونته ومؤازرته على قتل علي عليهالسلام إذ قد علم عدو الله شدته وجلده وخافه على نفسه ، وجبن من الإقدام عليه وحده. وأخبر شبيبا بخبر وردان بأنه قد أجابه الى ذلك وعاهده عليه ، وبما كان من قصة قطام. فتعاظم ذلك شبيب ، وقال : يا عبد الرحمن ، ويحك قد علمت سوابق علي عليهالسلام في الاسلام ومكانه من رسول الله صلىاللهعليهوآله وشدته وشجاعته.
قال له : أفما تعلم من قتل من إخواننا ، ونحن ، فإنما نحتال في أن نفتك به ، ولسنا نبارزه ولا ننازله ، ولم يزل به حتى أجابه. فاجتمعوا ثلاثتهم ، وعرّفهما عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله بالليلة التي واعد فيها أصحابه ، وقال : انظرا كيف يكون الرأي والعمل فيه ، وأتوا بها الى قطام. وكانت لها جزالة ورأي وحزم وتقشف ، وكانت تلزم المسجد مع النساء وتعتكف فيه. فأخبروها بما اجتمع أمرهم عليه ، وقالوا لها : هل عندك من حيلة في الوصول إليه في منزله.
__________________
(١) ما بين القوسين من نسخة و.
(٢) وهو شبيب بن بجرة.