نادى منادي أهل الشام بصفين أصحاب علي عليهالسلام ـ وهم ما لم يحص عددهم يومئذ كثرة ـ : ادفعوا إلينا قتلة عثمان.
فقال أصحاب علي عليهالسلام ـ عن آخرهم بلسان واحد ـ : كلنا قتلة عثمان.
أفكان يمكنه دفعهم كلهم الى أهل الشام ، فيقتلونهم؟ أو أن يقول لأهل الشام : هم مصيبون في قتلهم إياه؟ وليس كل من قال قولا بما لا يجب له يجب جوابه عليه ، ولو كان ذلك لوجب على كل سامع يسمع ـ محالا من الكلام ـ أن يجيب عنه ، أو يحتج على قائليه.
[ من يطالب بالدم؟ ]
والطلب بالحقوق إنما يكون لأهلها عند إمام المسلمين ، وذلك ممّا أجمعوا عليه ، وعلى أن عليا عليهالسلام إمامهم يومئذ ، وليس من أهل الشام ، ولا من غيرهم من يستحق القيام بدم عثمان ، ولا طلب ذلك أحد ممن يستحقه عند علي عليهالسلام فيحكم له فيه بما يوجب الحق له عنده.
ولكن الذين قاموا عليه ، ونكثوا بيعته ، وقعدوا أمره جعلوا ذلك سببا يستدعون به الجهال الى القيام معهم لما أرادوه التغلب على ظاهر أمر الدنيا (١) ، والتوثب على أولياء الله.
وسنذكر جميع ما احتجوا به ، وأوهموا أهل الضعف من العوام أنهم على حق من أجله. ونقض ذلك وبيان فساده إن شاء الله.
__________________
(١) كما سيأتي أن معاوية اعتذر لابنة عثمان عند ما طلبت منه الثأر لأبيها ، وقد كان دم عثمان سلاحه ووسيلته لاشعال الحروب وقتل المسلمين في الأمس.