الجامع ، وقد اجتمع الناس فيه. فرقى المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلىاللهعليهوآله ، وقال :
أيها الناس إنه قد انتهى إليّ أن معاوية قد برز من حمص في أهل الشام ، ومن معه يريد حربكم ، فما أنتم في ذلك قائلون وصانعون؟
فقام رجل ، فقال : يكون الأمر كذا. وقال الآخر : بل الرأي كذا. وقام آخر فقال غير ذلك. حتى قام منهم عدة ، واعتكر الكلام.
فنزل علي صلوات الله عليه ، وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، غلب والله ابن آكلة الأكباد.
وقيل أيضا : إن الناس خاضوا بصفين ، فاختلط أصحاب معاوية ، وترك أكثرهم مراكزهم ، فخرج منهم ، فوقف بينهم ، فأشار بكمه عن يمينه ، فرجع كل من كان في تلك الناحية ، وأشار عن يساره ، ففعلوا كذلك.
فقال له بعض من شهده : إن هذه للطاعة.
فقال : إني ما أخلفتهم قط في وعد ولا وعيد.
فمن أجل هذا وما قدمنا قبله ممّا يجري (١) مجراه تهيأ لمعاوية أن يقاوم عليا عليهالسلام. وعلي صلوات الله عليه في الفضل والاستحقاق بحيث لا يخفى مكانه على أحد أن يقيسه بمعاوية في خصلة من خصال الخير.
حتى أن بعض أهل التمييز والمعرفة سمع من يقول علي أفضل من معاوية.
فقال : هذا من فاسد القول ، إنه ليس يقال إن العسل أحلى من
__________________
(١) هكذا في نسخة ـ أ ـ وفي الاصل : وما يجري.