إن طريقة تفكير الصحابة ومن عاش خلال تلك الأحداث كانت مختلفة عن طريقة تفكيرنا التي ورثناها عن مشايخنا ومؤرخيناه ، ومن هنا لم يؤثر عن أحدهم أنه قال أن سياسة الدولة كانت مضبوطة وأن سبب الفساد كان هذا أو ذاك من اليهود أو النصارى .
وكيف كان من الممكن توقع غير ما آلت إليه الخلافة في الوقت الذي كان يعتبرها مروان بن الحكم ـ كما مر قبل سطور قليلة ـ ملكاً له وعائلته والخليفة حي بين الناس ؟
قتل الخليفة ، وأدرك الناس أن الدولة قد حلت بها كارثة ، فهرعوا الى الإمام علي ( ع ) يبايعونه وقالوا ( إن هذا الرجل قد قتل ولا بد للناس من إمام ، ولا نجد اليوم أحق بهذا الأمر منك ، لا أقدم سابقة ولا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لا تفعلوا فإني أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً ، فقالوا لا والله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك ، قال : ففي المسجد فإن بيعتي لا تكون خفياً ولا تكون إلا عن رضا المسلمين ) (١)
___________________________
(١) الطبري : ٣ / ٤٥٠ .