ولأن المسائل السياسية عندنا مبهمة غير واضحة تقوَّل الأقدمون فيها برأيهم ، كما تقوَّل المحدثون .
ومن هذا نفهم أن المسلمين في حاجة الى إعادة صياغة فكرهم السياسي أو على الأقل تحديد الأمور الأساسية فيه .
يقول الدكتور طه حسين وهو يناقش الأزمة الدستورية التي واجهتها الدولة الاسلامية الوليدة فسبب لها ما وقع من انقلاب :
( كان المسلمون في حاجة الى أن ينشئوا لأنفسهم في حدود القرآن والسنة دستوراً مكتوباً يبين الحدود والإعلام ، يعصمهم من الفرقة والإختلاف . . . فلم يتح للشيخين وأصحابهما من الوقت ولا من الفراغ والدعة ولا من التطور والإتصال بأسباب الحضارة ما كان من شأنه أن يمكنهم من وضع هذا النظام ، إنما السبيل على الذين جاؤوا بعدهم فأتيحت لهم السعة والدعة والفراغ ، ولم يفكروا مع ذلك في أن يضعوا نظاماً لتداول الحكم ولا في أن يضعوا نظاماً يكفل رعاية العدل السياسي والإجتماعي ، وإنما أهملوا ذلك إهمالاً وآثروا أنفسهم بالحكم والغلب والاستعلاء ) (١)
___________________________
(١) الفتنة الكبرى : ص ٤١ ـ ٤٢ .