هذا وذاك ـ أعني الجانب القانوني والجانب الروحي ـ يمكن أن تطلق عليهما مجازاً القيادة الدينية ، مع أنها تسمية غير دقيقة ، لكون السياسة ديناً أو جزءاً من الدين لا ينفك .
وبقي الثالث وهو جانب الحكم والسياسة وهو ما انفرد به من لا علم لهم بالقانون والشرع ، ولا بالروح وعوالمها وأحوالها ومقاماتها . وأخذ بزمام الأمور في هذا الميدان أسوأ الناس في الأغلب من تاريخ الأمة .
صحيح قذفت الأقدار بنفر معدودين من الصالحين الى كراسي الحكم ، لكنهم لم يحاولوا الجمع بين الجوانب المذكورة أو رد القيادة الى ما ينبغي أن تكون عليه ، فكانوا كضوء خاطف وسط الظلام ، ظهر ثم انقضى سريعاً ، ربما قيل أن يدرك أغلب الناس وجوده .
ساد الأمة إذن إنقسام بين القيادة الدينية بجانبيها القانوني والروحي ، وبين القيادة السياسية ، وانفصلت هذه عن تلك ، وتنفر هؤلاء من أولئك ، وكثيراً ما تحول هذا الإنشقاق الى صراع وعداوة .