بل إن نفس من كانوا يبيعون أنفسهم للقيادة السياسية ـ فضلاً عن عامة المسلمين ـ ما كانوا ليقبلوا إماماً وزعيماً دينياً يبيع نفسه للحاكم مثلهم ، أو يحرف أحكام الدين تحت ضغط القوة والجبر . هكذا انفصل طريق القيادة الدينية عن القيادة السياسية منذ منتصف القرن الأول الهجري . (١)
هذا الإنقسام لم يظهر برأسه متأخراً كما يظن البعض بل في عهد الصحابة وأمام أعينهم ، حتى وجد في الدولة الإسلامية ثلاثة خلفاء مبايعين في آن واحد ( فكان مروان بن الحكم خليفة مبايعاً في الشام ومصر ، وعبد الله بن الزبير خليفة مبايعاً بالحجاز والبصرة ، والمختار الثقفي خليفة مبايعاً في الكوفة ) (٢)
فما إن استقر الأمر لبني أمية حتى راح يتداول الحكم في الأمة من لا دين لهم ولا خلق ، وامتدت سلسلتهم منذ ذلك الوقت والى يومنا هذا . فلئن أدت مشكلة القيادة الى أن يوجد في جيل
___________________________
(١) الخلافة والملك ، أبو الأعلى المودودي : ص ١٣٧
(٢) الفخري لابن طباطبا : ص ٨٦ .