فرض كفاية (١) كصلاة الجنازة ورد التحية وهو ما يوضح بذاته منزلة هذا المنصب الخطير في فكرهم السياسي .
أما الدليل على أنها فرض كفاية ، فليس عندهم غير إجماع الصحابة ، دون نص من كتاب أو سنة . ولست أبغي ـ في هذا المجال الضيق ـ استقصاء آراء الأصوليين في هذه النقطة ، وهل يتقرر الفرض فرضاً بإجماع الصحابة فعلاً أو قولاً أو تقريراً ، وأسأل : إذا كان الصحابة رضوان الله عليهم قد شعروا بخطورة هذا المنصب وأهميته فأجمعوا على ضرورة إيجاده ـ وهذا كله عملية عقلية محضة ناتجة عن إعمال العقل والفكر في غياب النص ـ فهل يتوقع منهم كمال العقل وإدراك حاجة الدولة ونظامها ، ولا يتوقع ذلك من الله ورسوله وهو الذي نص على أن الدين قد اكتمل ، والكتاب قد تم ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) المائدة ـ ٣ ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ) الأنعام ـ ٣٨ .
___________________________
(١) الأحكام السلطانية للمارودي ص ٣ طبع المطبعة المحمودية مصر بدون تاريخ ، الأحكام السلطانية لأبي يعلي الحنبلي ص ٣ ، مصر ١٩٣٨ ، المقدمة لابن خلدون ص ١٩١ ، لبنان ، الطبعة الخامسة ١٩٨٤