وكانت نتيجة اعتمادنا على هذا التراث المتروك وتقديسنا له ولواضعيه ، دون تفحص لعلاقتهم بالأنظمة التي حكمتهم ، وبالقوى السياسية الأخرى التي تفاعلت في مجتمعاتهم آنذاك ، أن عجزنا على مر السنين أن نفرز قيادة واحدة ، ليس والله هذا فحسب بل أفرزنا ـ ما شاء الله ـ أميراً في كل حارة ، ومفتياً في كل شقة ، وإذا الكبير منا والصغير أمام ظاهرة دينية سياسية خطيرة بعضنا يحوقل لها ، وبعضنا يفتح لها فمه عجباً ، ولا يعرف لها سبباً ، ومنا من يعرف أصلها وفرعها لكنه يغمض عينيه ويضع في أذنه طيناً وفي الأخرى عجيناً ويؤثر السلامة .
ومن أراد حل المعضلة استعار لها مفهوم الغرب ، فلم يزد حجمه عن قائد حزب ، أو رئيس تنظيم ، ودار كل أحد في حلقة مغلقة ليس منها مخرج ، وأصبح الكل يسأل نفسه : ما الحل ؟ وما العمل ؟ أليس منا رجل رشيد ؟
والذين أزعجهم هذا الأمر ، لم يردوه الى جذوره ، ويبحثوا في الماضي ليفهموا الحاضر ، بل على العكس تحزب كل منهم لجماعته ، وتعصب لموقف شيوخه ـ أحياءً وأمواتاً ـ فازداد طيننا بلة .