والواقع أن تشبث عبد الرحمن بن عوف بضرورة الإلتزام بأعمال أبي بكر وعمر ، ينبغي أن نفهمه في ضوء التيارات السياسية والتغييرات الإجتماعية والإقتصادية التي طرأت على المجتمع الإسلامي بعد وفاة الرسول عليه السلام ، ونتيجة للسياسة الإقتصادية بوجه خاص التي سارت عليها الدولة في عهد الشيخين لا سيما عمر ، ذلك أن هذه السياسة أدت الى تغييرات في الدولة ، ورفعت فئة على فئة على النحو الذي أشار اليه أستاذنا الشهيد سيد قطب في كتابه العدالة الإجتماعية .
وكان الإمام علي معروفاً بمخالفته هذه السياسة ، مشهوراً بفقره وزهده وحبه للمساواة وللفقراء والمستضعفين ، فبرز كقائد سياسي وديني لهذا التيار فالتف حوله أتباعه ، ولذلك كثيراً ما روى عن عمر قوله ( قد كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أنظر فأولى رجلاً أمركم هو أحراكم أن يحملكم على الحق وأشار الى علي ) (١) وقال ( لله درهم إن ولوها الأصيلع ( يقصد عليا )
___________________________
(١) الطبري : ٣ / ٢٩٣ . العقد الفريد : ٤ / ٢٧٤