فوجدت طبقة الارستقراطية العليا ذات المولد والثراء الضخم والسلطان الواسع ، ووجدت طبقة البائسين الذين يعملون في الأرض ، ويقومون على مرافق هؤلاء السادة ، ووجدت بين هاتين الطبقتين المتباعدتين طبقة متوسطة هي طبقة العامة من العرب الذين كانوا يقيمون في الأمصار ، ويغيرون على العدو ويحمون الثغور ، ويذودون عمن وراءهم من الناس وعما وراءهم من الثراء ، وهذه الطبقة المتوسطة التي تنازعها الأغنياء ففرقوها شيعا وأحزاباً (١) وكان الإمام علي ـ كما تشهد سيرته وأحواله وأقواله ـ زعيما للبؤساء والمستضعفين والمحرومين ( ولم يكن الخداع والحيل من مذهب علي عليه السلام ، ولم يكن عنده غير مر الحق ) (٢)
فمواقف رجال مجلس الشورى أثناء بيعة عثمان لا يمكن فصلها عن مشاعر البشر ، والمكاسب التي حققوها في ظل سياسة
___________________________
(١) نفس المصدر : ص ١٠٩ .
(٢) الفخري لابن طباطبا : ص ٦٣ ، مصر ١٣٣٩ هـ .