وبعبارة أخرى : الحكم بإتيان الركعة منفصلة لا يمكن ان يكون من باب الاستصحاب ، فلا معنى لأن يراد من قوله : « ولا ينقض اليقين بالشك » كبرى الاستصحاب ، بل لا بد ان يراد به لزوم تحصيل اليقين بالبراءة بالكيفية المعهودة ، كما تدل عليه بعض النصوص الأخرى. هذا ملخص ما أفاده الشيخ رحمهالله (١). وسيتضح بأزيد من ذلك فيما بعد.
وقد تصدى الأعلام رحمهمالله إلى دفع هذا الإيراد وتصحيح تطبيق الاستصحاب هاهنا وعمدة ما قيل في هذا المقام وجوه أربعة :
الوجه الأول : ما أفاده صاحب الكفاية رحمهالله من : ان لزوم الإتيان بركعة منفصلة لا يتنافى مع تطبيق الاستصحاب في المقام ، وانما يتنافى مع إطلاق دليله ، فان لزوم الوصل انما هو مقتضى إطلاق النقض ، فلا مانع من الالتزام بجريان الاستصحاب وتقييد إطلاق دليله بما دل على لزوم فصل الركعة ، وتقييد الأدلة ليس بعزيز (٢).
الوجه الثاني : ما أشار إليه الشيخ (٣) ، وقربه المحقق النائيني (٤) ، والعراقي رحمهمالله (٥). من : انه يمكن البناء على كون المقصود بقوله عليهالسلام : « ولا ينقض اليقين بالشك » كبرى الاستصحاب ويكون تطبيقها على المورد من باب التقية ، فانه لا ينافي أصالة الجد في أصل الكبرى ، فالتقية في التطبيق لا أكثر ، وقد وقع نظيره في الأدلة ، كما في الرواية الواردة في سؤال الخليفة العباسي الإمام عليهالسلام عن العيد ، فأجابه عليهالسلام بقوله : « ذلك إلى امام
__________________
(١) الأنصاري المحقّق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣٣١ ـ ٣٣٢ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الخراسانيّ المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٩٦ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
(٣) الأنصاري المحقّق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣٣٢ ـ الطبعة الأولى.
(٤) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٣٦١ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
(٥) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٤ ـ ٥٧ ـ القسم الأول طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.