ولكن هذا القول فاسد ، وذلك لأن مفاد دليل الاستصحاب ـ كما أشير إليه هو معاملة المتيقن معاملة البقاء ، وهذا يقتضي اختصاصه بما يكون الأثر العملي الثابت بواسطة الاستصحاب أثرا للمستصحب نفسه ، بحيث بعد ترتبه إبقاء عمليا للمستصحب ، وفرضا للمستصحب انه باق.
وبعبارة أخرى : يلزم ان يكون الأثر المترتب من آثار بقاء المستصحب وليس الأمر كذلك في موارد الأصول المثبتة ، إذ الأثر الّذي يراد ترتيبه من آثار ملازم المستصحب ، فلا يعد من آثار بقاء المستصحب ، بل من آثار ما يلازم بقائه.
وعليه ، فترتيبه لا يكون إبقاء عمليات للمتيقن السابق ، ولا يكون معاملة له معاملة الباقي ، لعدم ارتباط الأثر العملي به ، بل بما يلازمه ، والمفروض ان ما يلازمه غير متيقن. اذن فهذا المورد لا يكون مشمولا لدليل الاستصحاب ولا يقاس بمورد الموضوع ذي الأثر الشرعي ، كعدالة زيد المستصحبة ، فان الاقتداء بزيد من آثار عدالته فيكون ترتيبه إبقاء عمليا للعدالة ، فيكون مشمولا لدليل الاستصحاب. فلاحظ وتدبر.
وجملة القول : انه لا مجال للالتزام بالأصل المثبت.
واما الأمارات ، فالمعروف ان المثبت منها حجة ، فيترتب على قيام الأمارة آثار المؤدى الشرعية كما تترتب عليه آثار لوازمه العقلية ، فإذا أخبرت البينة عما يلازم موت زيد يترتب على هذا الاخبار موت زيد وآثار الشرعية.
وقد تصدى الاعلام قدسسره لبيان الوجه في ذلك والكشف عن نقطة الفرق بين الأصول والأمارات.
ونذكر مما قيل وجهين :
الأول : ما أفاده المحقق النائيني قدسسره من : ان دليل الاعتبار في باب الأمارات يتكفل بجعل الطريقية والمحرزية ، وبما ان العلم بالشيء وجدانا يستلزم العلم بلوازمه وملزوماته مع الالتفات إليها ، وكذلك العلم التعبدي بالشيء ، فانه يستتبع ثبوت العلم تعبدا بلوازمه وملزوماته ، لعدم الفرق بينهما الا