ومن هنا يظهر الوجه في تعرض المحقق الخراسانيّ للاستصحاب في الأحكام الاعتقادية وإثباته ، مع ما عرفت من عدم المنشأ للإشكال في جريانه ، فالتفت.
ولعل الوجه (١) في حكم الشيخ بعدم جريان الاستصحاب في الأول ـ
__________________
[١] تحقيق الكلام في المقام بنحو يتّضح فيه الحال في كلمات الاعلام : أنّ الشك في مورد الأمور الاعتقادية تارة يكون في بقاء الحكم كما لو علم بوجوب الاعتقاد بحالة من حالات البرزخ أو القيامة ثم شك في بقائه. وأخرى يكون في بقاء الموضوع المترتّب عليه وجوب الاعتقاد أو اليقين.
ففي الأول : لا إشكال في جريان الاستصحاب لإطلاق أدلّته وعدم الموهم لعدم جريانه سوى التعبير عنه بالأصل العملي ، وقد عرفت دفعه بما أفاده في الكفاية ، لكن لا يخفى أنّ ذلك مجرد فرض لا واقع له إذ ليس لدينا من الأمور الاعتقادية ما يشك في بقاء وجوب الاعتقاد به ، ولعلّه إلى ذلك أشار في الكفاية بقوله : « وكذا موضوعا فيما كان هناك يقين سابق وشك لاحق ».
وأما الشك في بقاء الموضوع فلا فرض له بحسب الظاهر سوى الشك في حياة الإمام عليهالسلام. وإلاّ فسائر الأمور الاعتقادية استقبالية لم تحدث كي يشك في بقائها بالشبهة الموضوعية.
ولا يخفى أنّ الشك في حياة الإمام عليهالسلام فيها بالنسبة إلينا مجرد فرض لا واقع له.
ولكن لا بأس بإيقاع الكلام فيه على سبيل الفرض فنقول : إنّ الأثر الملحوظ في حياة الإمام تارة يكون هو وجوب الاعتقاد. وأخرى يكون وجوب اليقين به.
ويقع الكلام في جريان الاستصحاب بلحاظ كلا الأثرين ..
أما جريان الاستصحاب بلحاظ ترتيب وجوب الاعتقاد فتحقيقه : أنّ الاستصحاب تارة يجري في حياة زيد مثلا ـ خاصة ، وأخرى في إمامته ، وثالثة في حياته وإمامته بنحو المجموع المركّب.
أما جريان الاستصحاب في إمامته : فهو ممنوع للشك في موضوعها وهو الحياة ، إذ الإمامة متقوّمة بحياة الإمام فمع الشك في الحياة كيف نستصحب الإمامة.
وأما جريان الاستصحاب في المجموع المركّب من الحياة والإمامة : فمع قطع النّظر عن الإشكال في جريان الاستصحاب في المجموع المركّب بقول مطلق ، يمنع بأن المراد ترتيبه على ذلك هو وجوب الاعتقاد ، وهو لا يترتّب إذ الاعتقاد والإيمان بالشيء وإن كان من الأمور القلبية الاختيارية لكنها لا تحصل مع الشك ، بل هي تتوقف على اليقين ، فمع عدمه لا يمكن تحقّقه. ومن الواضح أنّ الاستصحاب لا يرفع الشك ، فلا يجب الاعتقاد لعدم اليقين الّذي يتقوم به. وذلك لأنّ اليقين إما أن يكون من قبيل شرائط الوجوب وإما أن يكون من قبيل شرائط وجود الاعتقاد الواجب.
فعلى الأول : يكون عدم وجوب الاعتقاد مع الشك واضحا لعدم حصول موضوعه فلا ينفع