...............................................
__________________
مما يكتفي به في مقام الامتثال وبعد حصول المشكوك يشك في بقاء صحته بهذا المعنى ، فتستصحب.
ولكن يرد عليه : إنّ المقصود إن كان استصحاب صحة مجموع العمل فهو بعد لم يتحقّق ، فلا يقين بالحدوث. وإن كان استصحاب صحة الأجزاء المتحقّقة فقط ، فهي غير مشكوكة البقاء لأنّها وقعت امتثالا فلا تنقلب عما وقعت عليه ، وإنما يشك في تحقّق سائر الأجزاء والشرائط وامتثال الأمر من جهتها.
فاستصحاب الصحة لا يجري إما لعدم اليقين بالحدوث أو لعدم الشك في البقاء.
وقد يجعل مورد الاستصحاب المزبور هو الأجزاء اللاحقة لكن بنحو الاستصحاب التعليقي ، فيقال :
إنّ الأجزاء اللاحقة كانت قبل عروض مشكوك المانعية مما يكتفي بها في مقام الامتثال لو وجدت ، فالآن كذلك.
ولكن للتأمّل في هذا الاستصحاب ـ مع قطع النّظر عن ابتنائه على جريان الاستصحاب التعليقي الّذي لا نقول به في الأحكام والموضوعات كما تقدّم ـ مجال واسع وذلك لوجهين :
الأول : إنّ الاكتفاء بالعمل في مقام الامتثال وإن سلّم أنّه مما يقع موردا للتعبّد الشرعي كموارد قاعدة الفراغ وقاعدة التجاوز والأوامر الظاهرية ، إلاّ أنّه تابع للدليل عليه ، ولذا لا يكون شرعيا مع الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي بل يكون عقليا لعدم تصدّي الشارع للتعبّد به بل هو مما يحكم به العقل.
وعليه نقول : إنّ جواز الاكتفاء في مقام الامتثال الثابت للأجزاء ليس مما تعبّد به الشارع بل هو مما يحكم به العقل باعتبار موافقة الأمر الواقعي. فلا مجال لجريان الاستصحاب فيه لأنّه حكم عقلي أولا ، ولتبدّل الموضوع ثانيا ، لأنّ كل ما يكون دخيلا في الحكم العقلي يكون مأخوذا في موضوعه.
ومن الواضح أنّ العقل كان يحكم بالاكتفاء بالأجزاء مقيّدا بعدم مشكوك المانعية لأجل إحراز موافقة الأمر ، فمع حصول المشكوك يتبدّل الموضوع ، للشك في موافقة الأمر.
الثاني : إنّ المورد ليس من موارد الاستصحاب التعليقي الّذي تقدّم الكلام فيه نفيا وإثباتا ، وذلك لأنّ موضوع الاستصحاب التعليقي هو ما إذا كان الحكم ثابتا لموضوع موجود بالفعل على تقدير شرط لم يتحقّق بعد ، كالحرمة الثابتة للعنب على تقدير الغليان ، فإذا تبدّل إلى الزبيب يقال : هذا كان محرّما على تقدير الغليان فالآن كذلك. فموضوع الحكم موجود بالفعل ويكون للحكم التعليقي ـ بما هو تعليقي ـ ثابتا له بالفعل.
وما نحن فيه ليس كذلك ، لأنّ الاكتفاء في مقام الامتثال المترتّب على الأجزاء اللاحقة ليس موضوعه طبيعي الأجزاء وشرطه هو وجودها ، فيقال : إنّ طبيعيّ الأجزاء يكتفي به في مقام الامتثال على تقدير وجوده ، كي يجري الاستصحاب التعليقي عند طرو مشكوك المانعية ، لأنّ الموضوع غير الشرط