واللب. ومرحلة الإنشاء والدلالة. وهو باعتبار الأولى عقلي دقي ، وباعتبار الثانية موضوع دليلي. ولا يكون الطلب متعلقا بشيء في غير هاتين المرحلتين. ونظر العرف في الموضوع انما هو طريق محض إلى ما هو الموضوع عند الشارع ـ لعدم كون الموضوعية من الأمور الاعتبارية المتقومة بالاعتبار ، كي يصح للعرف اعتبارها حقيقية ـ ، وبعد فرض كون الموضوع لا ثبوت له الا في مرحلة اللب واللفظ ، فنظر العرف في كون هذا الشيء موضوعا للحكم مرجعه إلى المسامحة في الموضوع في قبال العقل والنقل ، ولا يصح أخذه مقابلا ، لأن المسامحة في الموضوع تقتضي المسامحة في الحكم ـ بمقتضى التضايف ـ ، فلا يقين بثبوت الحكم لهذا الموضوع شرعا كي يحرم نقضه ورفع اليد عنه (١).
ويمكن تقرير هذا الإشكال بشكل أوضح ، بيانه : ان الحكم المجعول لا واقع له الا مقام الإنشاء واللفظ.
وعليه ، فلا بد من لحاظ الموضوع في هذه المرحلة ـ وهذا المقام ـ ، لأنه مرحلة موضوعيته وترتب الحكم عليه ، فالمحكم هو لسان الدليل ، وما يراه العرف يرجع إلى التسامح في التعيين ، وهي غير معتبرة قطعا في مقابل الدليل ، فلا مجال للمقابلة.
والجواب عن هذا الإشكال : ان الحكم ـ سواء قلنا : انه عبارة عن امر واقعي حقيقته الإرادة والكراهة. أو قلنا : بأنه أمر اعتباري يتقوم باعتبار كل معتبر بنفسه. أو انه أمر اعتباري عقلائي ، والإنشاء تسبيب للاعتبار العقلائي ـ له واقع اما الإرادة أو الكراهة واما الاعتبار ، والإنشاء كاشف عن ذلك الواقع فللموضوع في مقام ترتب الحكم واقع متحقق. وحينئذ يقع الكلام في ان تعيين الموضوع في واقعه هل يكون بنظر العقل ، أو بنظر العرف بحسب ما يفهمه من
__________________
(١) الأصفهاني المحقّق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٣ ـ ١٢٤ ـ الطبعة الأولى.