إذ على كلا التقديرين يكون المورد المذكور وما شابهه مشمولا للنهي.
وبملاحظة ما تقدم من كون المراد بالشك ليس خصوص تساوي الطرفين احتمالا ، بل الأعم منه ومن الظن والوهم. يتعين التصرف في الظهور الثاني دون الأول ، لأن ذكر الشك بالخصوص مع إرادة الأعم منه ومن عدم العلم لا وجه له. إلاّ أن يراد به كونه أظهر مصاديق عدم الحجة ، لأنه الجهة المميزة له. وإلاّ فلا وجه لتخصصه بالذكر فان الحكم إذا كان موضوعه العام لا معنى لبيانه بالحكم على فرد خاص منه إلاّ إذا كانت لذلك الفرد خصوصية تدعو لتخصيصه بالذكر ، ولا خصوصية للشك من بين سائر الافراد الا كونه أظهر افراد التردد وعدم الحجة. فلا وجه للتصرف في الظهور الأول ، بل يكتفي في التصرف في الظهور الثاني. مضافا إلى ان حمل الباء على الظرفية وكونها بمعنى : « في » في المقام يستلزم تقدير محذوف تتعلق به الباء ، إذ لا معنى لتعلق الظرفية بالشك ، فلا بد من تقدير مضاف كما لا يخفى.
الوجه الثالث : ان السائل كزرارة رحمهالله لو فهم من الإمام عليهالسلام إرادة الصفة الوجدانية من اليقين في قوله : « ولكن تنقضه بيقين آخر » ، وان الناقض خصوص اليقين الوجداني ، لفهم بدوا منافاة هذا الحكم لجعل الأمارة والطريق واعتبارها في الموضوعات ـ الّذي هو مما لا إشكال فيه ـ ، لأن جميعها متيقنة العدم ، لأنها حادثة والحادث مسبوق بالعدم ، ولا يقين لنا بارتفاعه ، وانه ناسخ لدليل اعتبارها ، مع انا نجزم بعدم فهمه ذلك أصلا ـ وإلا لسأل الإمام عليهالسلام عنه حينئذ ـ مما يكشف عن انه فهم كون النقض انما يكون بالحجة المعتبرة والطريق المجعول لا بخصوص اليقين. وان المراد من اليقين مطلق الحجة لا اليقين الوجداني.
الوجه الرابع : ان حجية اليقين مما لا شبهة فيها ولا إشكال ، كيف؟ وهي من المستقلات العقلية التي لا تنالها يد الجعل نفيا وإثباتا.