ينكرها ولا يتنكر لها ، ويرى من الحق أن تغاث لهفتها وأن تجاب. وقد يجد من الظلم المحرم أن لاتغاث ولا تجاب.
بلى. وقد يرتفع بالاستجابة المشروعة العادلة فيجعلها عبادة توجب القرب من الله وتسبب المثوبة لديه. ولتفصيل هذا بحث آخر من حلقات الكتاب.
دين الإسلام يعترف بهذا كله والمسلم يدين الله به ويستعين الله على ادائه. ولكن الإسلام يعلم حق العلم أن غرائز هذا المخلوق البشري كثيرة وان رغباته وأشواقه أكثر. وأن شؤونه واتجاهاته في الحياة وفي لوازم الحياة أربى من هذه الكثرات بكثير. ويعلم حق العلم أن نشاط المرء وطاقته الحيوية لن تفي بهذه النواحي كافة ما لم توزع توزيعاً عادلاً لاحيف فيه ولا عدوان.
وقد أثبت العلم التجريبي أن النشوز في بعض غرائز الانسان أو في بعض رغباته لايكون إلا على حساب بعضها الآخر ، فاذا استهلكت بعض نواحيه مزيداً من الطاقة فلابد وأن يضعف نشاطه في ناحية توازيها. وإذا مالت الكفة بشأن من شؤونه فلابد وأن تخف الثانية بشأن يعادله !
لقد عرف الاسلام ذلك جيداً واثبته العلم وحققته التجربة ولم يعد مجالا للشك.
واذن فلا معدل عن التحديد ، ولا معدل عن النظر في مقدار مايجب ، وفي مقدار ما ينفق.
انها طاقة الحياة فلا معنى للتسامح في إنفاقها ، وإنها حقوق تتكافأ وتتقابل بين الغرائز والجهات الكثيرة فلا معنى للتساهل في حدودها.