من الاحياء.
ومعجزة كريمة أن يمرّ نبي يده على بائس قد كربته العلة وأقعدته الزمانة فيرده بإذن الله صحيحاً في الأصحاء سوياً في الأسوياء.
ومعجزة كريمة أن يضرب بعصاه الحجر القاسي فيفجره عيوناً. وأن يفلق بها البحر الطامي فيقسمه أفراقاً. كل أولئك معجزات كريمة تبدي للمرء من قصور عبرة ، وتقيم عليه من قدرة خالقه حجة.
ولكن معجزة المعجزات ان يؤتى الانسان من حيث يزعم لنفسه القدرة ، وأن يمتحن من حيث يدعي لذاته الكمال ، حتى إذا عجز عن المجاراة كان عجزه أوفى في الدلالة على القدرة الفائقة ، وإذا قصر كان قصوره أجلى في الابانة للكمال المطلق.
والمعجزة آية قريبة المدلول رصينة الدلالة ، ولذلك فهي تقطع المعاذير من أول وهلة وتثبت الدعوة من أقرب طريق ، وموضع العجب منها انها تنهض الدلالة على مبدأ محسوس وتركز الدعوة على قاعدة ملموسة.
ولكن اعجوبة الاعاجيب ان تكون هذه الآية بمبادئها المحسوسة وبدلالتها القوية المتينة عامة يستضيء بنورها كل انسان. وثابتة ينتفع بهداها كل جيل. وعظمة العظمات ان تكون الى ذلك بأجمعه معجزة باهرة تغمر النفس ، وبرهاناً ساطعاً ينير العقل وحكمة بالغة تغذي الفكر.
وميزة اخرى تختص بها بينات الإسلام انها تتصل بالدعوة اتصال الجزء بكله ، أو الجسد بروحه. ففي الصميم من دعوة الإسلام تقع معجزاته ، ومن لباب هداياته تكون بيناته وهذا مما يتسامى به الإسلام على كل دين.
لابد لكل دين من البيان ، وبيان الإسلام معجزته الاولى.