لعلهم يظنون أن الرسول يظهر الآيات بقدرته ومن تلقاء نفسه فهم يقترحونها عليه ليستبينوا صدقه ويمتحنوا طاقته.
ان كان هذا ظنهم فهو وهم خاطيء ( إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللهِ ) (١) ( وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ ) (٢).
أية مزية يختص بها هذا الضرب عما سواه من الادلة ليقترحوه على الرسول ؟.
ميزته الاولى انه يدل على قدرة الخالق بعجز المخلوق ، وعلى كمال الربّ بنقص المربوب ، وكل ظاهرة وخافية في هذا الكون الرحيب تشاركه في هذه الدلالة.
وبعد أن تقدم العلم المادي واتسعت آفاقه ، وظن الانسان من نفسه القدرة على كثير من الامور ، وتوفرت بيديه آلات التحليل والتركيب وأحصى عناصر المركبات ، وضبط مقاديرها ، أتراه يستطيع ان يؤلف من هذه العناصر المتفرقة مركباً يسعد بالحياة .. ولو بحياة النبات .. بهذه الحياة التي تنتمي وتثمر ، وتحفظ نوعها وتستبدل فرعها ؟.
لقد جرب الانسان وجرب العلم فاستبان انه عاجز عن ذلك وسيتبين له أنه عاجز كلما جرب وكلما حاول.
وصدق الله العظيم حيث يقول :
__________________
١ ـ الأنعام ، الآية ٩.
٢ ـ المؤمن ، الآية ٧٨.