المتين الذي يقوم عليه هيكله ، أو الدعامة المكينة التي تشد بناءه. ومن أجل ذلك وجب أن تكون العقيدة جلية لا اثر فيها للغموض. وثابتة لامجال فيها للتزلزل ، ويقينية لاظل فيها للريب.لأن العقيدة وظيفة عقلية في مرحلتها الأولى والعقل صريح في أحكامه لا يقبل من الوظائف مافيه غموض أو وهن أو اضطراب.
ولقد صدمت المسيحية كبرياء العقل حين دفعت اليه حزمة من العقائد لم يفقه للكثير منها مفهوماً ، ولم يجد للبقية منها برهاناً ، بل وادرك ان الكثير منها متناقض الفكرة منحل القواعد. حين دفعت اليه هذه الحزمة من العقائد ، ولم تجعل له حقاً في نقدها ، ولا خياراً في قبولها.
وانكمش العقل لهذه الصدمة ولم يدر ماذا يقول ، وما يقول وقد ابعد عن الحكم وحجر عليه القول ومنعت منه الخيرة ؟!
ولكنه بقي يتسائل : إذا كان الأمر خارجاً عن يده فلماذا يطلبون منه الاقرار ؟!.
وقال رجال المسيحيه ـ يلطفون الجو ويعللون الأمر ـ : اسرار الدين لايسمو اليها العقل ، ومن الخير له ان يؤمن وإن لم يفقه ، فان الدين لايدعوه إلا الى خير. وقال اتباع الكنيسة : الايمان مركزه الوجدان.
وقال بعض الفلاسفة المحافظين : سبيل الانسان الى المعرفة اليقينية هو الحس والتجربة ، وهما لا يستطيعان ان يدركا حقيقة الله ولا اسرار الدين. فموضعهما القلب وليس موضعهما العقل.
وانكمش العقل لأنه رأى الناس يتخادعون
على حسابه. وبقي يتساءل مرة اخرى : اذا كان الدين لامكان له في العقل فبم يميز هؤلاء الخطاء في