عامة يتجه اليها في فعله ولا الى نظام شامل ثابت يستن به في سلوكه.
قد يقولون : هذه هي علة الاستثناء ، وإذن ففي قياسهم هذا أن عقل المرء وتفكيره هما السبب في حرمانه من هذا الحق وفي اسقاطه من هذه الكرامة !!.
عقل الانسان وتفكيره ـ أكبر مصادر الخير له واغزر ينابيع الكمال فيه ـ يكونان هما بذاتهما السبب في حرمانه من الخير وابعاده عن الكمال.
انه لحكم غريب جداً يكاد لغرابته يلحق بالمتناقضات !!.
وقد يقولون : عقل الانسان وتفكيره هما اللذان يسنان له منهج الكمال ، ثم يرتفعان به صعداً إلى الغاية ، فلا حاجة بالانسان الى مشرع وراء ذاته يخطط له المنهاج ، ولا الى دليل يقتدي به في السلوك.
وهو قول قد يبدو له وجه مقبول ، وسنعرض له فيما يأتي من المباحث ، وسنتبين مقدار حظه من الوجاهه.
لابد للانسان ( في ارتقائه الى كماله الاختياري ) من نظام محدد أسوة له بسائر الموجودات في الكون وبسائر الاتجاهات المختلفة للانسان.
ولابد من أن يكون قانون الاستكمال في قوانين الانسان كقوانين الاستكمال في الموجودات الاخرى واحداًلا يقبل التعدد وثابتاً لامجال فيه لاضطراب ولا تخلف.
وإذا كانت القوانين الكونية الموجودة لكمالات الأشياء مصنوعة لصانع واحد يدبرها بحكمة واحدة ويسيرها الى وجهة واحدة فلابد وان يكون قانون الاستكمال في الانسان من صنع ذلك الواضع أيضاً ، ومن آثار تلك الحكمة ومن متممات ذلك القصد.