وأقول في سلوكة الاختياري خاصة. لأنه لن يملك أن يدخل الفوضى في اتجاهاته الاخرى ، فنشوء الانسان ونموه ، وتفاعل عناصره وتآلف مواده وتمثيل أغذيته ، وتدرج قواه الطبيعية وتحرك كل جهاز من أجهزته واكتمال كل جزء من أجزائه وتكون كل خلية من خلاياه وكل كرَّية من كريات دمه وكل جزء من افرازات غدده كل ذلك يجري بطرائق آلية مححدة ويتبع في جريانه قوانين طبيعية معينة ليس في طاقة الانسان ان يتخف عنها أو يتبع سواها رضي ذلك أم أبى.
وحتى عقله النظري والعملي هذا الذي يطمع الطماعون بخروجه على النظم ، له في تكوينه وفي نشأته الطبيعية نظام رتيب لن يسعه أن يتخلى عنه أبداً.
ومعنى ذلك ان النظام سنة من سنن الكون العامة ، وأن الأشياء كلها متساوية في الأذعان لها ، فلكل شيء نظام معين لن يزيغ عنه الى غاية معينة لا يعدوها.
واذن فلِمَ يريدون من الانسان وحده ان يكون بدعاً من الموجودات فلا يكون له نظام محدد ؟!
وهل في استطاعة كائن ما أن يتخلف عن نواميس الوجود ؟!
وهل لهذا الاستثناء الغريب من سبب يوجب ذلك ؟!
قد يقولون علة هذا الاستثناء ان المرء
كائن عاقل ، يفعل بارادة ويريد عن تبصر ، فباستطاعته ان يفكر في العمل قبل إصداره ، وأن يوازن بين جهاته المختلفة قبل التصميم على فعله ، ثم يفعل بعد ذلك أو يترك وفقاً للحكم الذي يصدر ، وللوجهة التي يؤثر ، فلا حاجة بالمرء الى غاية واحدة