والمدينة المنورة ، والكوفة والبصرة ، ودمشق. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على شدّة تعلق « ابن مجاهد » بجمع الروايات ، وحفظ الطرق والقراءات.
ومن يتتبع شيوخ « ابن مجاهد » يجدهم بلغوا العشرات وكلهم من خيرة علماء علم القراءات وحسبي أن أشير هنا إلى بعض هؤلاء : منهم : محمد بن إسحاق أبو ربيعة ، ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير ، وأحمد بن يحيى ثعلب ، وموسى بن إسحاق الأنصاري ، وأحمد بن فرح ، وإدريس بن عبد الكريم ، والحسن بن العباس بن أبي مهران ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وعبد الله بن أبي داود ، وغير هؤلاء كثير (١).
وبعد أن تلقى « ابن مجاهد » جميع قراءات القرآن الكريم جلس للإقراء وتعليم المسلمين حروف القرآن الكريم. وفي هذا المعنى يقول عنه « ابن الجزري » : وبعد صيت « ابن مجاهد » واشتهر أمره ، وفاق نظراءه مع الدين والحفظ والخير ، ولا أعلم أحدا من شيوخ القراءات أكثر تلاميذ منه ، ولا بلغنا ازدحام الطلبة على أحد كازدحامهم عليه ، حكى « ابن الأخرم » : أنه وصل إلى « بغداد » فرأى في حلقة « ابن مجاهد » نحوا من ثلاثمائة مصدّر (٢). وقال « علي بن عمر » المقرئ : كان « ابن مجاهد » له في حلقته أربعة وثمانون خليفة يأخذون على الناس (٣).
من هذا يتبين أن الذين تلقوا القرآن على « ابن مجاهد » وأخذوا عنه حروف القراءات عدد كثير أذكر منهم ما يلي : « إبراهيم بن أحمد الخطّاب ، والحسن بن أحمد بن عبد الغفّار الفارسي ، والحسن بن سعيد المطوعي ، والحسين بن خالويه
__________________
(١) انظر طبقات القراء ج ١ ص ١٤٠.
(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ص ١٤٢.
(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٧١.