وما هي قيمته الاعتبارية لكي يرسل عثمان اليها في طلبه وتدفعه له بشرط ارجاعه فيرجعه بعد استنساخه وكأنه ملك لها فاذا كان هو القرآن الذي جمعه ابوبكر برأي عمر على حد دعوى ما تقدم وانه وصل الى يد عمر بالوصاية فاللائق بل اللازم ان ينقل الى يد عثمان بعد وفاة عمر اذ لاداعي لايداعه في يد حفصة لأنها لم تكن خليفة للمسلمين ولم تكن من قرائه ومقرئيه فيحتاج الى ابقائه عندها.
واذا كان مصحف حفصة غير مادون في عصرابي بكر فلما لم يحدثنا التاريخ عن أصله وفصله يضاف الى ذلك كله ان ذلك المصحف على الاحتمالين من كونه مصحف ابي بكر او حفصة كان على درجة من الاعتبار والاستناد فليس هناك داع اصلا الى تجشم عناء جمعه مرة اخرى بعد ان ثبت انه تم تدوينه على أيد امينه وتحت اشراف ورعاية من لا يشك في امره وعمله وضبطه ودقته وانه تم استنساخه في عهد يقرب من عهد الرسالة لما لا يؤخذ ويستنسخ ويجعل حجة يعول عليه وفيصلا ينتهي اليه.
واذا عرفنا مما سبق ان عثمان بن عفان من كتاب الوحي لما لم يكتبه بنفسه ويضبطه حسبما سمعته اذناه من الرسول الاعظم صلىاللهعليهوآله وحسبما افاده من مصدر الوحي والرسالة وقد اشرنا في صدر حديثنا في اول هذا المقام الى حديثين يدلان على كونه ممن جمع القرآن بل أول من جمعه من الخلفاء ولمرتين على حدّ تعبيرهما أولاهما في زمن عمر ولم ينقل له على شاهد والثاني في عهده وفترة خلافته بل ربما يضاف اليها زمن الرسول الاكرم صلىاللهعليهوآله وكل ذلك مخدوش وقابل للطعن والتزييف.
وقيل : ولما نسخوا الصحف في المصاحف ردها عثمان الى حفصة ونسخوا اربعة مصاحف وابقى عنده واحداً منها وأرسل عثمان الثلاثة للبصرة والكوفة والشام وعين زيد بن ثابت ان يقرأ بالمدني وبعث عامر بن قيس مع البصري وابا عبد الرحمن عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمي مع الكوفي والمغيرة ابن شهاب