النقطة الرابعة : أن الآية الثانية قد اشتملت على أمرين :
الأول : ان الله يمنح الثواب لمن أحسن في الدنيا قبل الآخرة :
الثاني : بيان أن الله يحب المحسن.
ومن هنا نقول : لسائل أن يطلب التوضيح عما يكتنف هذه الآية من غموض بالنسبة لمحبة الله للمحسن ، وما تأثيرها بعد أن ضمن الله له الثوابين ، وعلى الأخص بعد أن فسر ثواب الآخرة بالجنة ، فمن وعد بالجنة ما يصنع بثواب الدنيا ؟.
والجواب عن ذلك : أن محبة الله لعبده نوع تكريم من الله لعبده فهو بهذا الانعطاف إليه يحيطه بهذه الرعاية الخاصة ، وهذا اللطف الإلهي ، فيجعل المحسن محبوباً إليه.
ان المحسن له الحق أن يفتخر بهذا الشرف الرفيع ، وإن كان قد منحه الله الجنة في الآخرة وهذا هو ثوابه في الدنيا ومحبة الله له.
ويتجلى هذا اللطف الكريم من خلال الآية التي رعت المحسن ، فمنحته شرف رعاية الله له بمعيته فقال سبحانه :
( إنّ اللهَ معض الّذينَ اتَّقَوْا والذينَ هُم محسنونَ ) (١).
والإحسان في هذا الآيات ، وإن كان عاماً يشمل الإنفاق وغيره ، ولكن ـ كما قلنا ـ أن الإنفاق أحد مصاديق الإحسان ، ويكفي للمنفق أن يكون من جملة من يشمله اطلاق هذه الآيات الكريمة التي تشكل من حيث المجموع ترغيباً وتشويقاً للإنسان في الإنفاق باعتباره إحساناً إلى الغير.
__________________
(١) سورة النحل / آية : ١٢٨.