.....................................................
______________________________________________________
المفسرون ، وتأويله عليهالسلام يحتمل وجهين : الأول : أن المراد به الآيات النازلة في الولاية أو هي عمدتها لأن أكثر القرآن نزل فيهم وفي أعدائهم ، الثاني : أن يكون المراد أن الإنذار الكامل بالقرآن إنما يتم بنصب الإمام لأنه الحافظ للفظه المفسر لمعناه ، كما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ويؤيد الأول ما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه عن حسان عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : « وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ » (١) قال : الولاية نزلت لأمير المؤمنين عليهالسلام يوم الغدير.
وقال بعض الأفاضل : لما أراد الله سبحانه أن يعرف نفسه لعباده ليعبدوه وكان لا يتيسر معرفته كما أراد على سنة الأسباب إلا بوجود الأنبياء والأوصياء إذ بهم تحصل المعرفة التامة والعبادة الكاملة دون غيرهم ، وكان لم يتيسر وجود الأنبياء والأوصياء إلا بخلق سائر الخلق ليكونوا أنسا لهم وسببا لمعاشهم ، فلذلك خلق سائر الخلق ثم أمرهم بمعرفة أنبيائه وأوليائه وولايتهم والتبري من أعدائهم ومما يصدهم عن ذلك ليكونوا ذوات حظوظ من نعيمهم فوهب الكل معرفة بنفسه على قدر معرفتهم الأنبياء والأوصياء إذ بمعرفتهم لهم يعرفون الله ، وبولايتهم لهم يتولون الله فكلما ورد من البشارة والإنذار والأوامر والنواهي والنصائح والمواعظ من الله سبحانه إنما هو لذلك ، ولما كان نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم سيد الأنبياء ووصيه صلوات الله عليه سيد الأوصياء لجمعهما كمالات سائر الأنبياء والأوصياء ومقاماتهم مع ما لهما من الفضل عليهم ، وكان كل منهما نفس الآخر صح أن ينسب إلى أحدهما ما ينسب إليهم لاشتماله على الكل وجمعه لفضائل الكل ولذلك خص تأويل الآيات بهما وبأهل البيت عليهمالسلام الذين هم منها ذرية بعضها من بعض ، وجيء بالكلمة الجامعة التي هي الولاية فإنها مشتملة على المعرفة والمحبة والمتابعة وسائر ما لا بد منه في ذلك.
__________________
(١) سورة الشعراء : ١٩٤.